بحث فى المدونة

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

حفلة أوباما فى الأمم المتحدة

حفلة أوباما فى الامم المتحدة
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

لم افهم لماذا كل هذا الاهتمام بكلمات الوفود المختلفة امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فصاحب الليلة الوحيد كان هو الرئيس الأمريكى باراك حسين اوباما .
فهو الذى حدد الموضوع وجدول الأعمال وخطط العمل ثم قام بتوزيع الأدوار مثل مايسترو الاوركسترا الذى ما أن يرفع عصاه، الا و يتبارى الجميع على العزف على سيمفونيته.
 أو على رأى من قال بأن،  اوباما كان يغرد والجميع يعمل ريتويت J
لقد كانت الجلسة رقم 69 جلسة أمريكية بامتياز، دارت كل الكلمات فى فلك الأجندة الأمريكية، لا صوت يعلو فوق صوت الإرهاب فى الشرق الاوسط الذى ابتلى بالتطرف الاسلامى.
فظهر المشهد وكأننا بصدد طابور طويل من قادة المنطقة، يحلفون اليمين أمام رئيس العالم، ليؤكدوا جميعا و بلا استثناء على دعمهم للحملة الأمريكية الحالية فى العراق وسوريا، بكل ادعائاتها و ذرائعها المضللة، مع إضافة بعض الرتوش الصغيرة فى كلماتهم وفقا لظروف هذا البلد او ذاك.
***
ليس من المعقول أو المقبول، أن يتصدر حديث داعش والتحالف الدولى والتطرف والارهاب العربى والاسلامى، كلمات كل رؤساء المنطقة، بدلا من أن يتصدر كلماتهم، العدوان الصهيونى الاخير على غزة الذى راح ضحيته اكبر عدد من الشهداء الفلسطينيين منذ مذبحة صابرا وشاتيلا.
فالكلمات الجوفاء التى يرددها الرؤساء والملوك العرب فى كل مناسبة بلا أى روح او حماس او مصداقية من أن القضية الفلسطينية هى قضية العرب المركزية، وانه لا بديل عن دولة فلسطينية على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، هذه الكلمات لم تعد تقنع أحدا، ناهيك على انها حتى ان صدقت، فانها لا تمثل الموقف الحقيقى للشعوب العربية.
حتى الرجل المغلوب على أمره، رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن، حين قدم خطابا متواضعا، تجرأ فيه على إدانه العدوان، عنفته الخارجية الامريكية واعتبرته خطابا مهينا به كثير من المغالطات والاستفزازات،
***
الأمريكان يكذبون كالمعتاد:
وحين تناول أوباما الصراع العربى الصهيونى الذى يحلو لهم بتسميته النزاع الاسرائيلى الفلسطينى، فانه لم يستغرق من كلمته الطويلة أكثر من 30 ثانية، وثلاث جمل بالعدد، أكد خلالها بالطبع إدانته لإطلاق الصواريخ على الاسرائيليين الأبرياء، متجاهلا حجم الضحايا والشهداء الذين سقطوا جراء هذه الجريمة، ومبغبغا كالمعتاد ببضعة كلمات دبلوماسية عن ضرورة تسوية النزاع.
أما حين تناول الأزمة الأوكرانية التى احتلت جزءا كبيرا من خطابه، فوجدناه على العكس تماما، يتكلم وكأنه أحد زعماء الاستقلال الوطنى فى بلدان العالم الثالث!
فذكر جملا من عينة انه ليس من حق دول أن تعيد رسم حدود دول أخرى، وأن أمريكا تؤمن بان الشعوب الكبرى لا يجب ان تفرض ارادتها على الشعوب الصغرى، وان الحق فوق القوة، وانه لا يمكن فرق الارادة بالقوة، ويجب ان نقوم بتجميع اكبر عدد من الشعوب لدعم حق الشعوب فى تقرير مصيرها...الخ هذا الكلام الاجوف منزوع المصداقية.
و حين أراد التبرير لحملته فى العراق وسوريا، فلقد استفاض مرددا حزمة من الكليشيهات المكررة الشهيرة والمضللة مثل: لسنا فى حرب مع الاسلام. التطرف هو نكبة العالم الاسلامى. نحن ضد صدام الحضارات. يجب أن نقف ضد العنصرية والنبذ الدينى. اننا نرفض تقسيم العالم الى مؤمنين وكفار. ندين الطائفية والصراع بين السنة والشيعة.
***
وكم كنت أتمنى أن يخرج من يفند له ادعائاته وذرائعه ومغالطاته مؤكدا على ان الأمريكان ليسوا فى حرب مع الاسلام فقط، بل هم فى حرب مع كل العالم، حرب سيطرة ونفوذ ونهب واستغلال على كل الشعوب والاوطان، حرب مع الاسلام والعروبة والوطنية والاستقلال والاشتراكية والتقدمية واى مبدأ أو قيمة انسانية تدعو الى التصدى لهم ومقاومتهم.
وانهم ضد صدام الحضارات بالفعل، لأنهم ليس لهم حضارة ولا دين ولا وطن ولا قيم، سوى صراع المصالح والطبقات والأموال والثروات والنفط والسلاح.
وانهم يتحدثون عن ان التطرف هو نكبة العالم الاسلامى، فى حين أنه لا يوجد فى العالم من هو اشد منهم تطرفا .
وانهم يرفضون تقسيم العالم الى مؤمنين وكفار، فلماذا يقسموننا الى مؤمنين وكفار بمذاهبهم الاقتصادية وبمصالحهم الاستراتيجية، وبمشروعاتهم الامبريالية، وبتعليمات مؤسساتهم المالية.
وانهم يتصدون للعنصرية والنبذ الدينى، فلماذا لا يبدءون بالكيان الصهيونى العنصرى، الذى لم يكتف باقصاء وطرد وابادة الشعب الفلسطينى، ولكنه ينادى بيهودية دولة اسرائيل، فى ظاهرة هى الاولى من نوعها فى العالم.
وانهم يدينون الطائفية والصراع بين السنة والشيعة. ويا لهم من نصابون كبار، أليس هذا هو مشروعهم الذى يدعمونه هم والصهاينة منذ عقود طويلة، المشروع الذى تشهد عليه وثائقهم الرسمية، ومراكز ابحاثهم، ومحاضر جلسات الكونجرس، وعقود تسليحهم وحركة تمويلاتهم لكل من المحاور والميليشيات السنية والشيعية.
انهم السبب الرئيسى فى كل ما يجرى من مصائب وكوارث فى العالم العربى، بدءا من رعايتهم لهذا الكيان الشاذ المسمى باسرائيل ومرورا باحتلالهم للعراق وإسقاطهم لدولته، وهيمنتهم على الأنظمة والحكام العرب، وإفقارهم لشعوب المنطقة من خلال نزيف النهب والاستغلال الذى لم يتوقف منذ قرنين من الزمان.
كنا نود أن نسمع مثل هذه الردود، ولكن من الواضح اننا يجب ان ننتظر حتى ننال استقلالنا الحقيقي من دولة الخلافة الأمريكية.
*****


الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

لا لإلحاق مصر بالحلف الأمريكى

لا لإلحاق مصر بالحلف الأمريكى
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

((فى جولتى بالمنطقة فى الايام الماضية لم يسأل احد من قادتها، هل نشارك مع التحالف ام لا، بل كان السؤال كيف نشارك وندعم))
((نشكر مصر التى التزمت بشكل ملحوظ، بالتنسيق بين قواتها والقوات العراقية والكردية))
((الجنرال جون ألان، الذي خدم في أفغانستان لمدة عامين، وكذلك في العراق، سيقوم بالاشراف على جهود الولايات المتحدة لمتابعة تنسيق قدرات كل بلد مع التحالف))
من كلمة جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى فى جلسة مجلس الأمن حول الحملة ضد داعش
***
((نحن ملتزمون تماما بتقديم الدعم، وسنفعل كل ما يلزم))
السيسى ردا على سؤال من وكالة اسوشييتدبرس عما اذا كانت مصر ستقدم فرصة عبور المجال الجوى أو دعما لوجيستيا لتوجيه ضربات جوية ضد داعش
***
والخلاصة بان الإدارة المصرية قد قبلت ان تكون جزء من تحالف دولى جديد تحت قيادة الولايات المتحدة الامريكية لشن حملة جديدة على العراق.
******
1)   يتحتم علينا جميعا اليوم أن نعلن رفضنا وإدانتنا للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فى حملتهم الاستعمارية الثالثة على العراق فى أقل من ربع قرن، و التى تستهدف ضمن ما تستهدفه حماية وتأمين وتشطيب الرتوش الأخيرة فى عملية تقسيم العراق وفقا لخرائط محددة رسمتها بنفسها وليس وفقا لأى خرائط أخرى، وهى تفعل ذلك تحت ذريعة محاربة الإرهاب، تلك الذريعة التى تمت تحت رايتها كل الاعتداءات الأمريكية والصهيونية على الأمة منذ عقود طويلة، والذى تحَّوَل فيها الوطن العربى منذ عام 1990 الى مستعمرة أمريكية كبيرة، تعج بالقوات والقواعد ومناطق السيطرة و النفوذ، وباستسلام و تعاون كامل من الأنظمة التابعة.
***
2)   يعلم الجميع بأن النظام المصري منذ زمن بعيد، هو شريك وحليف وتابع أصيل للولايات المتحدة من خلال ما يقدمه لها من تسهيلات عسكرية لوجستية وتعاون وتنسيق أمنى ومخابراتى بلا حدود، وفقا لكل التقارير الصادرة من الكونجرس والإدارة الامريكتين، وهو التحالف الذى لم يتأثر نهائيا بأى متغيرات تمت بعد الثورة على امتداد أكثر من ثلاث سنوات.
ولكن بعد ثورة يناير، انعقدت الآمال على تحرير مصر من هذه العلاقة الآثمة، وناضل الكثير من القوى الوطنية من أجل هذا الهدف، ولكن جاء الموقف الأخير ليؤكد مرة أخرى على ان العلاقة باقية وعميقة ومستمرة، او انها مثل الزواج الكاثوليكى كما قال نبيل فهمى وزير الخارجية السابق.
انه دليل جديد على ان نظام مبارك لم يرحل، وان التبعية للأمريكان وخدمة مصالحهم هى دستوره وإستراتيجيته وخريطة طريقه الحقيقية، رغم كل ادعاءات الوطنية المزيفة التى يطنطن بها ليل نهار.
***
3)   لقد دأبت وسائل إعلام النظام، على الحديث ليل نهار عن مشروعات تقسيم المنطقة التى يخطط لها الامريكان منذ زمن طويل، وكيف ان مصر مستهدفة، وان امريكا هى العدو الحقيقى لمصر، وان السيسى بطل قومي، لأنه تصدى لامريكا وهزمها وأنقذ مصر من هذا المخطط.
فهل يعقل بعد كل هذا التعبئة، أن نرى"بطلا قوميا" يلتحق بالعدو الاكبر فى تنفيذ مخططه فى العراق الشقيق أولا، ثم فى سوريا بعد ذلك، فلقد اعلن اوباما على موافقة الكونجرس على تدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، فى اطار ذات الحملة التى تستهدف داعش، وقام بتهديد النظام السورى من التعرض للطائرات الامريكية فى المجال الجوى السورى، والا فانه سيقوم بتدمير كل الدفاعات الجوية السورية.
وبصرف النظر عن موقفنا مما يحدث فى سوريا، الا ان من أهم الثوابت الوطنية، ان المعارضة التى تتلقى تسليحا من الامريكان هى معارضة خائنة، وأن السيادة الوطنية السورية تجرد الامريكان أو غيرهم من أى حق فى انتهاء اجوائها الجوية.
فهل نساعد فى ترسيخ مبدأ اقليمى طالما رفضناه من قبل، مبدأ جواز استدعاء قوات دولية فى الصراعات الوطنية الداخلية؟
ثم هل الخلاف المصرى مع قطر وأخواتها، لا يعدو أن يكون مجرد منافسة على الأدوار تحت قيادة السيد الأمريكى، بعد أن أصبحوا جميعا شركاء وأعضاء فاعلين فى ذات التحالف.
هل يقبل دعاة الوطنية والاستقلال كل ذلك ان كانوا صادقين ؟
***
4)   كما أن الدعوة التي أطلقها عبد الفتاح السيسى للولايات المتحدة فى لقاءه مع جون كيرى، بضرورة أن يعمل هذا التحالف الدولى على مواجهة الإرهاب فى كل المنطقة بما فيها مصر وليس داعش فقط، هذه الدعوة تمثل سابقة خطيرة لتدويل أزمة مصرية داخلية، ستكون تبعاتها، أن ما تم تفعيلها، شديدة الضرر على ما تبقى من استقلال مصر وسيادتها.
***
5)   اننا لم نشعر بوطئة وخطورة الانقسام والانشقاق الوطنى والسياسى القائم فى مصر، كما نشعر به الآن، فلقد أدى هذا الانقسام الى تراجع و غياب اى معارضة حقيقية لهذه الخطوة المصرية، مثلما كان يحدث ضد مبارك فى الحملات الامريكية الاولى 1991 والثانية 2003.
فرغم ان كثير من الاصوات بما فيها بعض المحسوبين على النظام، أصدرت تحذيرات خجولة وعلى استحياء ضد الاستدراج الامريكى لمصر مرة أخرى فى مغامراتها الامبريالية، الا ان احدا منهم لم يجرؤ ان يجاهر بالمعارضة والرفض، من منظور ان اى معارضة لأى قرار للسيسى، سيصب فى مصلحة المعسكر الاخر فى المعارضة .
حتى تصريحات سامح شكرى وزير الخارجية المصرى المؤيدة للتحالف الامريكى، جاءت بنبرات متحفظة، مما أعطى انطباعا بأن هناك نوعا من الإكراه والاضطرار لمسايرة الخواجة الامريكى.
وكأنه يقول: ((اننا فى امس الحاجة الى الاعتراف الامريكى بشرعية النظام المصرى الجديد، ونعلم للأسف أن الالتحاق بالحملة الامريكية، هو ثمن يجب أن ندفعه ولو كرهناه))
فهل يستحق الاعتراف الامريكى، التفريط فى مزيد من السيادة الوطنية ومتطلبات الامن القومى ؟
اما معسكر المعارضة، فلقد لجأ الى توظيف رفضه للمشاركة المصرية فى التحالف، فى اطار صراعه الاصلى مع نظام 3 يوليو، مما أدى الى أضعف تأثيره على الرأى العام، الذى أصبح يتحسس من حالة الاستقطاب الحاد فى المجتمع. فالهجمة الامريكية الجديدة قد تكون أخطر و اكبر فى آثارها ونتائجها، من كل ما يدور فى مصر منذ الثورة.
وهكذا غابت الجبهة الداخلية الوطنية المصرية لأول مرة منذ عقود طويلة عن التصدى لحملة امريكية استعمارية جديدة على الأمة.
وهو ذات الغياب الذى ظهر بوضوح، فى العدوان الصهيونى الاخير على غزة.
وهو ما يؤكد مرة أخرى على أن الانقسام الوطنى يمثل ثغرة هائلة فى الجبهة المصرية الداخلية، سينفذ منها مزيد من الهيمنة والنفوذ الامريكى فى مصر والمنطقة.
***
6)   كما انه قد آن الأوان ان نتحرر من الرواية الأمريكية عن الإرهاب، وان نقدم روايتنا نحن الأكثر عدلا ومصداقية ووطنية، والتى تنطلق من أن الارهاب الأصلى هو الارهاب الصهيونى فى فلسطين، والارهاب الامريكى فى العراق وافغانستان وكل المنطقة. وأن القتل بالطائرة بدون طيار لا يختلف عن الذبح بالسكين، سوى ان الاول يسقط مئات القتلى فى لحظة واحدة.
وأن البيئة الحاضنة لكل افكار وجماعات التطرف والعنف والتكفير والإرهاب فى المنطقة، هى سيل الاعتداءات الاستعمارية التى لم تنقطع على اوطاننا منذ قرنين من الزمان، من استعمار وتجزئة وتقسيم وقتل وإبادة وعنصرية وطائفية ونهب واستغلال واذلال.
وانه من المستحيل ان تتوقف هذه الظواهر، قبل ان يخرج ((الاستعمار واعوانه)) من الارض العربية.
***
7)   وإننا اذ نرفض وندين استمرار الخضوع للأمريكان والالتحاق بأحلافهم ودعم مشروعاتهم، فإننا نحذر أيضا ونذكر بأن اللبنة الاولى فى إسقاط مبارك، وُضِعت بعد احتلال العراق عام 2003 وسط صمت عربى وتعاون وتنسيق لوجيستى مصرى واسع المدى للقوات الامريكية. فمنذ تلك اللحظة أدركت حركة المعارضة الوطنية أن هذا النظام لا يمكن أن يستمر.
***
8)   وأخيرا لقد آن الأوان أن نحصن أنفسنا من كل أولئك الذين يطلقون الشعارات الوطنية المزيفة أمام الكاميرات، ثم يذهبون فى الكواليس ليقدموا خدماتهم الجليلة للأمريكان.
*****


الخميس، 18 سبتمبر 2014

إغلاق مصنع المناضلين

إغلاق مصنع المناضلين
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

((الطالب إلِ هيخل بالنظام هنديله فوق دماغه)) رئيس جامعة القاهرة
***
((أحد أهم سمات الأنظمة المستبدة الخائفة من شعوبها، هو حظرها للعمل السياسى فى الجامعات))
فالجامعة هى المصنع الوحيد فى مصر الذى يعد ويربى الشباب وطنيا وسياسيا؛
يدخلها الشباب مادة خام، ويتخرجون منها وقد تحّول معظمهم الى كوادر وطنية مُسيَسة واعية بكل ثوابتنا الوطنية ومدركة ومستوعبة لكل هموم البلد ومشاكل الناس، ودائما ما يكونون قاطرة هامة فى الانتفاضات والثورات الشعبية.
ولقد اكتسبت الجامعة هذا الدور بسبب تميزها عن المؤسسات و التجمعات الأخرى بخمس خصائص محددة :
1)  الخاصية الأولى هى انها تضم داخل أسوارها نموذجا مصغرا لمصر، فطلابها يمثلون كل المشارب والاتجاهات والطبقات والمناطق وهو ما يمكنهم جميعا من المشاركة فى أوسع دوائر للتفاعل والحوار والمعرفة والنشاط والتدريب بشكل لن يتكرر ثانية فى حياتهم .
2)  الخاصية الثانية هى ان غالبية الطلبة بطبيعة الحال متحررين من معظم المسئوليات والالتزامات والضغوط التى يعيشها باقي فئات المجتمع، مما يعطيهم حرية أكبر بكثير فى الحركة والتعبير والمعارضة والغضب والتمرد .
3)  الخاصية الثالثة هي ان الشاب فى هذا المرحلة من عمره يكون بكراً ( لسه بخيره )، لم تكسره الحياة بعد، لم يتعلم أمور المرونة والمهادنة والنفاق والخضوع والخنوع  والتوفيق والتلفيق وباقي قائمة اللعنات التي تصيبنا بها الحياة العملية .
4)  الخاصية الرابعة هي ان ضخامة أعداد الطلاب وتجمعهم فى مكان واحد، تجعل منهم قوة ذات شأن، تمثل جماعة ضغط من الوزن الثقيل، يُعمَل لها ألف حساب ان هى اتفقت على موقف او قضية ما.
5)  الخاصية الخامسة : هى ان الحركات الطلابية تكون عصية على العزل والحجب والحصار، فالطلاب لهم أهل وبيوت وأحياء وقرى ونجوع منتشرة فى ربوع مصر كلها، يعودون اليها كل يوم أو كل اسبوع ، يغذونها بما تعلموه، ويؤثرون فيها ويتأثرون بها .
كما إنها عصية على التشهير التى تقوم به الدولة ضد كل معارضيها، فهم لا يزالون صغارا أبرياء يفكرون ويتحركون على الفطرة والسجية .  وأى تجريح فيهم لن تكون له مصداقية . 
***
لكل ما سبق لم يكن غريبا أن يكون طلبة الجامعة فى مقدمة الصفوف فى ثورة 1919، وكذلك فى معارك مقاومة الاحتلال الانجليزى قبل 1952، وكانوا هم مفجرى مظاهرات 1968 ضد أحكام الطيران بعد النكسة، وطليعة الشعب فى 1971 و1972 فى الضغط على النظام من أجل التعجيل بالحرب وتحرير الأرض، وأخيرا وليس آخرا أن يكونوا فى القلب من ثورة يناير.
ولم يكن غريبا أن تكون معظم القيادات الحالية لكافة الأحزاب والقوى والجماعات السياسية المختلفة هي ابنة و خريجة هذا المصنع العريق . تربت كلها فى ساحاته ، وبعد تخرجها واصلت أدوارها فى مؤسسات البلد الرسمية أو الشعبية ، المعارضة أو الحكومية .
***
ولأن الجامعة كانت هكذا دائما مصنعا للوطنية والوطنيين،
ولأن الوطنية بالضرورة، ضد الأمريكان والصهاينة وحلفائهم من الفاسدين وأغنياء الحرب والسلام .
ولأنها بالضرورة مع الاستقلال و فلسطين والمقاومة والأمة العربية والاسلامية وكل المظلومين والمقهورين فى العالم .
ومع أغلبية الشعب من الناس البسطاء الطيبيين أصحاب البلد الحقيقيين .
لذا قام نظام السادات/مبارك، نظام كامب ديفيد بإغلاق هذا المصنع بالضبة والمفتاح، حين أراد اعادة صياغة مصر على مقاس أمن إسرائيل ومصالح الأمريكان فى الفترة من 1974 حتى 2011.
وبالفعل تم تحريم وتجريم العمل السياسى بالجامعة بموجب اللائحة الطلابية لعام 1979، في ذات العام الذى وقعت فيه مصر وإسرائيل معاهدة السلام، وبذلك تم اغلاق مصنع المناضلين فى مصر بقرار مصرى امريكى اسرائيلى مشترك.
ولتأمين هذا الوضع الاستبدادى بالقوة، تم تأسيس البوليس السياسي للطلبة، المسمى بحرس الجامعة .
والذى تولى مهمة حصار ومطاردة ووأد أى تحركات طلابية داخل الحرم الجامعى .
***
·       ومن يومها لم يعد لدينا فى مصر مصدرا مركزيا لإعداد الشباب وطنيا وسياسيا.
·       بل أصبح العمل الوطني الجاد تهمة يعاقب عليها القانون .
·   وتم حرمان جيلا كاملا على امتداد أكثر من 30 عاما من التربية الوطنية، ثم تم تجريده بالتدريج من قيم الانتماء وحب الوطن .
·   وحتى أولئك الطلاب الذين تمكنوا من تحصيل تربية وإعداد وطنى وسياسى من مصادر أخرى، أصبحوا يشعرون بالغربة والعزلة داخل الحرم الجامعى، الذى كان يعاملهم وكأنهم ظاهرة شاذة أو متطرفة أو مخيفة أو ثقيلة الظل .
·   وهو ما انعكس بوضوح على حالة معظم الأحزاب السياسية المعارضة فى المجتمع، التى انقطع عنها المدد الجماهيري الطبيعى التلقائى، حين كان الخريجون يواصلون نشاطهم الوطنى والسياسى فى مؤسساتها، ويضخون دماء جديدة  كل عام فى شرايينها ، مما ساهم فى إيقاف نموها وتطورها ، فانحصرت وضعفت و تقلص تأثيرها وتضاءلت قواعدها وكادت أن تندثر .
***
وهو ما توافق تماما مع الأهداف الصهيونية فى مصر، والتى عبر عنها أحد قادتهم بوضوح حين قال : ان السلام مع مصر على المستوى الشعبى لم يتحقق بعد، وانه على إسرائيل أن تنتظر رحيل الجيل الحالى،  وميلاد جيلا مصريا جديدا لا يعاديها .
***
فلما قامت ثورة يناير، نجحت فى اعادة الحياة والاعتبار الى العمل الوطنى والسياسى فى الجامعة، وكان للطلبة ادوارا رئيسية فى صياغة مطالبها وخوض معاركها والتصدى لأعدائها.
***
ولكنهم اليوم يحاولون اعادة الامور الى ما كانت عليه، فبعد أن اعادوا قبضتهم الأمنية الى الجامعة، وأباحوا لقوات الأمن باقتحام الحرم الجامعى وضرب واعتقال الطلبة والطالبات من داخلها، فى سابقة تاريخية هى الأولى من نوعها، وتقديمهم الى محاكمات عاجلة، وإصدار قرارات بالفصل الجماعى. وبعد أن ألغوا انتخاب القيادات الجامعية، وجعلوها مرة أخرى بالتعيين من رئيس الجمهورية.  فانهم يتحدثون اليوم عن لائحة طلابية مماثلة للائحة 1979 سيئة السمعة، ويحظرون العمل السياسى أو تكوين الأسر السياسية، بل ويهددون المخالفين بالويل والثبور، على حد تعبير رئيس جامعة القاهرة. وبهذا المعدل، لا نستبعد أبدا أن يستعيد الأمن السيطرة على حركة تعيين اعضاء هيئات التدريس وترقياتهم، أو أن يقوم بشطب ترشيح آلاف الطلبة للانتخابات وتزويرها، أو يراقب مجلات الحائط...الى آخر كل تلك الممارسات التى "هرمنا" تحت سياطها لعقود طويلة.
   ***
ان الدفاع عن حق العمل السياسى فى الجامعة، هو الدفاع عن الحق فى الانتماء و فى الوعى والمعرفة والعلم والمشاركة والتفاعل والايجابية والحوار وتبادل الآراء والمعلومات والخبرات. هو دفاع عن أحد أهم ركائز الأمن القومى المصرى، هو دفاع عن مصنع المناضلين الأوحد فى مصر، هو دفاع عن الوطنية المصرية الحرة الصادقة النقية، هو دفاع ضد اعادة انتاج نظام مبارك، هو دفاع عن مصر فى مواجهة أى مشروعات مستقبلية لبيعها على غرار اتفاقيات كامب ديفيد والتبعية للامريكان، وفى مواجهة مخاطر القهر والاستبداد والاستغلال والإذلال والترهيب والإرهاب، هو دفاع عن قيم الثورة والحرية والعدالة والكرامة والمساواة، بل هو دفاع عن حق من أبسط الحقوق الانسانية.
انقذوا الجامعة .
*****



الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

لماذا أعادوهم بعد أن أخرجوهم ؟

لماذا أعادوهم بعد أن أخرجوهم ؟

محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

بعد العدوان مباشرة، قام نتنياهو بتخيير أبو مازن بين اسرائيل وبين المقاومة.
وجاء رد أبو مازن سريعا وواضحا وصريحا : ((لقد اخترت اسرائيل))
جاء رده من جامعة الدول العربية، فى اجتماع وزراء الخارجية العربى المنعقد فى القاهرة فى 7 سبتمبر 2014، من خلال قيامه بشن هجوم على غزة وما يجرى فيها، والتهديد بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.
ومن الواضح انه كان حريصا على سرعة الرد على (الاسرائيليين) حتى لا تأخذهم به الظنون، فلم يتريث قليلا حتى تجف الدماء والدموع، أو يتسرب النسيان الى الرأى العام العربى الذى كان شاهدا على جرائم العدوان وانتصارات المقاومة وتضحيات الشعب الفلسطينى.
هل هو العمى السياسى أم قلة الحيلة والتحليل، أم سوء التقدير، أم الاضطراب وانعدام الوزن تحت تأثير ما جرى، أم انه لا يعدو أن يكون ممارسة معتادة للدور المرسوم له وفقا لاتفاقيات وترتيبات أوسلو وتنسيقاتها الأمنية ؟
أظن أن الاجابة الأخيرة هى الاجابة الصحيحة، فيوما بعد يوم، ومعركة بعد أخرى، ومحّكَاً وراء الآخر، يتأكد لنا حقيقة الدور الوظيفى الذى تقوم به السلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازن لصالح الاحتلال الاسرائيلى وضد فلسطين على طول الخط . فان لم تفعل أو تمردت أو تملصت أو تحايلت، فسيكون مصيرها مثل أبو عمار.
***
أصل الحكاية :
اجتاح الجيش الصهيوني لبنان عام 1982 ووصل إلى قلب بيروت، وحاصرها 83 يوما، ولم ينسحب منها إلا بعد أن أَجبَر القوات الفلسطينية على مغادرة لبنان إلى المنفى فى أبعد بقاع الأرض عن فلسطين ، إلى تونس واليمن ..الخ
وكان الصهاينة قبل ذلك وطوال فترة السبعينات، يهددون ويتوعدون، ويطالبون بإخراج الفلسطينيين من لبنان، لأنهم يهددون امن (إسرائيل) ووجودها .
كانوا يفعلون ذلك على غرار ما يفعلونه اليوم مع المقاومة اللبنانية في الجنوب ومع المقاومة الفلسطينية في غزة .
ولكن فى عام 1994 سمح الصهاينة بدخول القيادات الفلسطينية إلى غزة والضفة، بموجب اتفاقيات أوسلو، بعد أن طردوهم من لبنان بـ 12 سنة .
أعادوهم إلى القلب من الكيان، على بعد أمتار من فلسطين التي يسمونها الآن (إسرائيل) . فأصبحوا أقرب للصهاينة  بكثير من الوضع الذي كانوا عليه فى لبنان . أصبحوا متلاصقين .
***
ماذا الذي تغير ؟ فجعل الصهاينة يعيدوهم هنا ، بعد ان أخرجوهم من هناك ؟
هل غيروا من آرائهم ومعتقداتهم ؟
هل أصبحوا فجأة من الأخيار ؟
هل أصبحوا اقل حرصا على أمن (إسرائيل) ووجودها ؟
أم ماذا ؟
الإجابة واضحة وصريحة ويعلمها الجميع .
لقد أعادوهم لانجاز مهمتين واضحتين لا ثالث لهما :
الأولى : هي التنازل لهم عن 78 % من فلسطين وإعطائهم صك فلسطيني شرعي بذلك، وهو ما تم بالفعل .
الثانية : هي تصفية المقاومة وتجريمها ونزع سلاحها .
وهو ما كان يجرى على امتداد السنوات الأخيرة على قدم وساق بقيادة لجان التنسيق الأمني المشتركة التي أسسها الجنرال الامريكى الخواجة "دايتون"، صاحب التصريح الشهير((لقد نجحنا فى الحيلولة دون تفجر انتفاضة ثالثة فى الضفة الغربية اثناء عدوان الرصاص المصبوب 2008/2009، لأننا قمنا بتربية و تدريب الشرطة الفلسطينية جيدا على التعايش مع اسرائيل وليس على مواجهتها))
***
وبعد كل عدوان، وكل جريمة ترتكبها، كانت اسرائيل تبذل جهودا مضنية لغسيل سمعتها أمام الرأى العام العالمى، وهو ما كان يستدعى استصدار شهادات رسمية فلسطينية وعربية، بإدانة المقاومة، بتهم التمرد والانقلاب والخروج عن الشرعية والتطرف واستفزاز اسرائيل وتهديد حياة اهالى غزة..الخ، لتظهر اسرائيل فى النهاية وكأنها هى الضحية التى تدافع عن نفسها فى مواجهة جماعات ارهابية غير شرعية. وهنا كان يأتى دور أبو مازن وجماعته!

واليوم وبالإضافة الى ذلك تريد اسرائيل اجهاض مشروع المصالحة الفلسطينية، وحرمان المقاومة من حصاد مكاسب الحرب، حتى لا تكافئ "الارهابيين"، كما تعمل على إعادة شحن رصيد ابو مازن الذى نفذ، من خلال تسليمه المعابر، وأموال الاعمار، وإشراكه فى مهمة نزع سلاح غزة بعد ان نزع لهم سلاح الضفة.
لكل ذلك هرول أبو مازن لممارسة دوره الوظيفى المعتاد فى خدمة اسرائيل، فأخذ يردد تلك الكلمات عن حكومة ظل غزة التى لا يمكن أن تستمر، وعن ضرورة أن يكون هناك سلطة واحدة وقرار حرب او سلام واحد وسلاح واحد (وهو الذى سلم سلاحه منذ زمن طويل)، الى آخر كل هذه المعانى و الرسائل التى حرص على إيصالها الى الاسرائيليين وحلفائهم العرب قبل الفلسطينيين.
*****

القاهرة فى 14 سبتمبر 2014

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

ها قد عدنا يا شعب نمرود

ها قد عدنا يا شعب نمرود
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com

((أن السلعة يجب أن تباع بثمنها الحقيقى، وانه منذ ما حدث فى 1977 والجميع يخشى تكرار هذه القرارات)) ـ السيسى فى تسريب سابق مع قيادات عسكرية
((ان رفع أسعار الوقود هى خطوة هامة "تأخرت 50 عاما")) ـ السيسى فى حديثه مع لصحفيين فى 6 يوليو 2014
((الدعم أخطر من الفساد)) ـ فى اجتماعه الثانى بالصحفيين فى 24 أغسطس 2014
توقفت كثيرا أمام هذه المعانى والتعبيرات التى استخدمها السيسى فى تمهيده او تبريره لقراراته برفع الدعم عن اسعار الوقود
فمن ناحية، فى حديثه نوع من التفاخر وكأنه يقول ((أنا وحدى الذى استطعت ان اتخذ هذه القرارات التى جَبُّنَ من قبلى على اتخاذها))
ولكن من ناحية أخرى وهى الاهم، هناك فى خطابه مغزى لا يخفى على أحد، من "الشماتة"  فى الشعب المصرى الذى انتفض فى 18 و 19 يناير 1977 غضبا على قرارات السادات والقيسونى بزيادة أسعار السلع، وهى الانتفاضة الشعبية التى أرغمت الحكومة على التراجع عن قراراتها وإلغاءها بعد مرور 48 ساعة على اتخاذها
وكأنه يوجه اليه رسالة يقول فيها ((ها قد عدنا يا شعب يا نمرود))
وكأنه أراد أن يأخذ بثأر السادات والحكومة والنظام، التى انكسرت إرادتها أمام الإرادة الشعبية منذ 37  عاما،
وكأن الدولة لا تنسى ثأرها أبدا تجاه كل من يتحدى إرادتها وهيبتها وقراراتها، حتى لو كان منذ عقود طويلة.
***
هذا هو موقف الدولة الحقيقى، موقفها القديم الجديد الثابت الذى لم يتغير، تجاه الشعب وانتفاضاته ونضالاته للحفاظ على حياته وحقوقه؛
نظرة الشرطى الى المجرم
او السيد الى العبد
أو ملوك العصور الوسطى الى رعاياهم
نظرية "انا القانون والقانون انا"
وانا الهيبة والسيادة والسيد
لى السلطة والثروة والسلاح والسيطرة والنفوذ والمصائر،  ولكم الخوف والطاعة.
بلا حقوق، بلا حريات، بلا ديمقراطية، بلا كلام فارغ.
***
هكذا تنظر إلينا الدولة ونظامها ورجالاتها، وبين الحين والآخر تصدر زلة لسان من هنا أو من هناك تفضح جرثومة الاستبداد والعنصرية تجاه باقى خلق الله .
سبق للسيسى نفسه أن عبر عن ذات المعنى عدة مرات :
قالها مع ياسر رزق فى التسريب الشهير، حين صرح بأن البديل المدنى غير مطروح فى مصر لعشر أو 15 عاما قادمة.
وكررها كثيرا فى إظهار استياءه من مصطلح "الانتخابات" الرئاسية، والتى كان يسميها "بالاستدعاء"، استدعاء الشعب له لقيادته، فهو أكبر من أن ينافس أو يتنافس.
وقالها مرة أخرى فى حديثه مع الصحفيين فى 24 اغسطس الماضى، حين حذر من انتخاب معارضة تضايقه، وحذر من انهيار الدولة اذا لم يكن هناك برلمان أليف.
ثم انطلق رجاله يسعون فى الأرض لتأسيس تحالفات انتخابية تأتيه ببرلمان طيع ومريح ومتعاون.
وحين تعثرت المفاوضات البرلمانية، أطلق أنصاره اقتراحا لجس النبض بتأجيل الانتخابات البرلمانية، أو إدخال تعديلات على الدستور تعيد قبضة رئيس الجمهورية على البرلمان ومجلس الوزراء، بحجة أن ظروف مصر الآن لا تحتمل أن يضايق أحد الرئيس أو يناهده.
الى الدرجة التى جعلت السيسى فى خطاب انقطاع الكهرباء فى 6 سبتمبر الماضى، يعتب على الإعلام لانه انتقد الحكومة بسبب انقطاع الكهرباء، محذرا من أن((النقد بيوتر المسئولين وبيخليهم يغلطوا فى شغلهم))!!
***
ومن قبله قالها مبارك مرات متعددة فى مأثوراته الشهيرة : (انا أو الفوضى) و (خليهم يتسلوا)
ورددها السادات كثيرا من قبلهما: شرذمة/ أخلاق القرية/أنياب الديمقراطية/ أهو مرمى فى السجن زى الكلب ـ بعد اعتقالات سبتمبر 1981 الشهيرة.
وقالها مدير امن البحيرة أيضا أثناء الثورة، حين قال ((لازم يعرفوا مين اسيادهم))
وقالتها حملة دعم السيسى حين وصفوه بالدكر، وكأن الشعب المصرى يحتاج "فتوة" ليؤدبه ويلمه، فى محاولة لإحياء نظرية الكرباج الشهيرة.
وقالها جهاز الشرطة حين دخل فى إضراب صامت غير معلن عن العمل بعد ثورة يناير، لإدخال الرعب فى قلوب المصريين، فى رسالة ضمنية معناها بأنكم لن تستطيعوا ان تعيشوا وان تأمنوا على انفسكم بدوننا. فإياكم أن تقتربوا منا مرة أخرى، أو أن تذكروا كلمة التطهير على ألسنتكم.
وقالوها بعد الثورة فى عشرات المذابح للمتظاهرين والمعتصمين ومشجعى الكرة.
وفى سيارة ترحيلات ابو زعبل، التى لم يعاقب عليه أحد حتى الآن.
ويقولوها فى الاقسام والسجون كل يوم للمعتقلين بالضرب والتعذيب.
وفى سيل من الأحكام القاسية العاجلة بالإعدام والمؤبد للمئات.
مقابل سيل من البراءات لكل قتلة الثوار والمتظاهرين منذ 25 يناير، الذين لا يزالوا طلقاء لم تمس شعرة منهم.
وقالتها الدولة حين عصفت بكل ثوار يناير، لا فرق فى ذلك بين خصومها وبين حلفائها فى 30 يونيو، ولا بين اسلامى ومدنى.
وتقولها كل يوم حين تغضب على اى معارضة، فتنطلق ماكينتها الجهنمية لشيطنتها بلا هوادة أو رحمة.
يقولوها ويمارسوها ليل نهار تحت عنوان كبير أنه ((لا أحد فوقنا))، نفعل بكم ما نشاء بلا قانون او رقيب أو تعقيب، فنحن الدولة.
***
تبقى لى ملاحظة ضرورية على تصريح السيسى  بان ((الدعم اخطر من الفساد)) !
 وهو قول غريب وضعيف وشديد التهافت؛
 فالفساد "جريمة" لا يجوز مقارنتها بغيرها من التوجهات أو السياسات الاقتصادية،
 وهو جريمة نهبت مصر وأفقرتها ألف مرة ومرة،
كما أن الفساد يسرق الناس، أما الدعم فيعطيهم قليلا من حقوقهم وأموالهم.
 والفساد يقتلهم، والدعم يحييهم.
ان الدعم هو تعويض قليل وتصبيرة بسيطة للعباد، عن سياسات الرأسمالية والخصخصة والفساد فى البلاد. كما أن مصر هى الشعب ومعايش الناس، و ليست ارقام وإحصائيات فى الميزانيات.
***
ولكن أكثر ما أزعجنى، فيما لو صدق ظنى فى مغزى رسالته الى شعب يناير 1977، وفى أن الدولة رغم تغير ورحيل المسئولين والقيادات والوزراء،  لم تنس ولم تغفر لنا أبدا انتفاضة الخبز، فكم يا ترى من السنوات أو العقود ستحمل وتبطن الدولة رغبتها فى الثأر من ثورة يناير وثوارها ؟
ربنا يستر على مصر وأهلها.
*****
القاهرة فى 9 سبتمبر 2014