بحث فى المدونة

الأربعاء، 30 أبريل 2014

بين تحرير سيناء وتحرير فلسطين

بين تحرير سيناء وتحرير فلسطين
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
مشاهد متنوعة من دفتر الأحوال :
كلما أتذكر تحرير سيناء، أجد سعاداتى مجروحة، ليس فقط بسبب القيود المفروضة على السيادة المصرية هناك بموجب اتفاقيات كامب ديفيد،
ولكن أيضا بسبب انحيازنا لاسرائيل ضد فلسطين؛ فبينما نحتفل ونفخر برفضنا التفريط فى طابا التى لا تتعدى مساحتها كيلومتر مربع واحد، قمنا بالاعتراف باسرائيل وبحقها فى ارض فلسطين التاريخية، بل وشاركنا فى الضغوط على الفلسطينيين للتخلى عن 78% من وطنهم للصهاينة بموجب اتفاقيات السلام الفلسطينية الاسرائيلية، التى تبنتها وتروج لها مصر الرسمية، وتدعم الملتزمين بها، وتحاصر وتشيطن من يرفضها.
ناهيك عن السماح للإسرائيليين بدخول سيناء من معبر طابا والمكوث على شواطئها لمدة 15 يوم بدون تأشيرة، بينما يعانى الفلسطينيون على معبر رفح من كل أنواع القيود .
***
·       فى مارس 2014 قضت محكمة الأمور المستعجلة بحظر أنشطة حماس فى مصر،
وفى ابريل 2014 قضت محكمة الأمور المستعجلة بعدم اختصاصها في نظر دعوى حظر أنشطة إسرائيل،
 وهو ما يذكرنا بنكتة قديمة بائسة :
فيُحكَى أن طائرة مصرية على متنها راكبان أحدهما إسرائيلي والآخر فلسطيني

و حدث عطل في محركها عرضها للسقوط

ولإنقاذها كان يجب إلقاء أحد الركاب من الطائرة لتخفيف الحمولة

ومن باب العدالة، قرر المسئول المصري أن يقيم مسابقة بين الراكبين ومن يعجز منهما عن الإجابة، يتم القاءه من الطائرة

وكان السؤال الأول للراكب الإسرائيلي هو : كم عدد سكان مصر ؟

أما سؤال الفلسطيني فكان هو : ما هي أسماءهم وعناوينهم ؟
انتهت النكتة ، ولكن في رواية أخرى : أن المسئول المصري القي بالراكب الفلسطيني من الطائرة بدون أسئلة ولا مسابقات
وفى رواية ثالثة أن الطائرة لم يكن بها أي أعطال من أصله
وفى رواية رابعة أن المسئول المصري بعد أن ألقى بالفلسطيني ، فوجئ بالاسرائيلى يدفع به خارج الطائرة
وفى رواية خامسة ان المسئول المصري ألقي بالفلسطيني ثم ألقى بنفسه وراءه تاركا الطائرة للإسرائيلي
***
اسرائيل وأمريكا تهددان وتتوعدان وتعارضان المصالحة الفلسطينية، لانها تتم مع من لا يعترف باسرائيل، ولا باتفاقيات أوسلو:
أتمنى أن تصمد المصالحة الفلسطينية فى مواجهة هذه الضغوط
وأن يتوحدوا على أرضية المقاومة وتحرير كامل التراب الفلسطينى،
وأن ينسحبوا من اتفاقيات اوسلو ومن المفاوضات ومن التنسيق الامنى مع اسرائيل.
وأتمنى ألا تكون المصالحة مجرد خطوة تكتيكية مؤقتة، وأن يكون وراءها روح وحدوية حقيقية، وليس محاولة للخروج من الضغوط الاسرائيلية الحالية على السلطة فى الضفة، أو الضغوط المصرية على حماس فى غزة
وأتمنى أن يدرك الذين ظلموا الفلسطينيين، أن الانقسام فى حقيقته هو صناعة اسرائيلية برعاية أمريكية، بضغوط الاحتلال، والتمويل الغربي للسلطة، والتراجع عن الثوابت الوطنية.
***
عندما يهدد أبو مازن الاسرائيليين بحل السلطة الفلسطينية اذا فشلت المفاوضات، فانه يقر ضمنيا بأن السلطة قامت لخدمة مصالح وأمن اسرائيل.
***
حالة رفض وغليان شديدة تعم فلسطين 1948، وعلى الأخص بين الإخوة المسيحيين، بعد أن أصدرت (اسرائيل) قرارا بتجنيدهم إجباريا فى الجيش الاسرائيلى، فى محاولتها لبث فتنة جديدة بين عرب فلسطين، فهل تدعمهم الكنائس المصرية والعربية ؟
***
سماح الحكومة التونسية لأول مرة بدخول الاسرائيليين الى تونس كسياح، هو سقطة وطنية كبرى.
***
كيف يصمت الثوار فى اليمن على العربدة اليومية للطائرات الأمريكية بدون طيار فى سمائهم ومجالهم الجوى، تستبيح سيادتهم الوطنية، و تمارس هوايتها المفضلة فى القتل والاغتيال بلا تعقيب .
*****
القاهرة فى 27 ابريل 2014




الثلاثاء، 29 أبريل 2014

الأمن الأمريكى المصرى الاسرائيلى المشترك

الأمن الأمريكى المصرى الاسرائيلى المشترك
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
مشاهد متنوعة من دفتر الأحوال :
·       تصريح البنتاجون بأن ((سبب الإفراج عن الطائرات الأباتشى لمصر، هو أنها ستساعد الحكومة المصرية فى التصدى للمتطرفين الذين يهددون الأمن الأمريكى والمصرى والإسرائيلى)) هو تصريح مضلل، وكاشف، وصادم، ومخرس :
-      مضلل لأن أخطر ما يهددنا هو القيود التى فرضتوها على قواتنا وسلاحنا فى سيناء بموجب اتفاقيات كامب ديفيد، ولولاها لما احتجنا لكم ولا لأسلحتكم أو طائراتكم، ومضلل لأن اخطر ما تعرضنا ونتعرض له من اعتداءات وتهديدات، كنتم أنتم مصدرها. فالوصف الصحيح لعلاقاتنا معكم هو التناقض والصراع وليس التعاون والأمن المشترك .
-      وكاشف لعمق وحميمية العلاقات المصرية الامريكية الاسرائيلية، ولحقيقة الوجود العسكرى الامريكى فى سيناء تحت غطاء القوات متعددة الجنسية،
-      وصادم لكل وطنى، و لكل من صدق أن 3 يوليو هى حركة ضد الأمريكان،
-      ومُخرِس لكل حملات تزييف الوعى والطنطنة فى الفترة السابقة عن الوطنية والاستقلال والأمن القومى.
***
·       صرح السيسى لوفد أمريكى بما يلى :
1)   الجيش المصرى يشعر بالامتنان لأكثر من 73 مليار دولار حصلت عليها مصر بين 1948 و2012 ،
2)   لن نكون جاحدين ولن ننقلب عليكم،
3)   الدعم السياسى والاقتصادى الامريكى يعد امرا حاسما لتحقيق الانتعاش الاقتصادى والسياسى فى مصر،
4)   رفض الناتو نشر قوات لتحقيق الاستقرار فى ليبيا بعد مصرع القذافى، خلق فراغا سياسيا وترك البلاد تحت رحمة المتطرفين،
وهو تصريح غير لائق وغير مقبول حتى من باب المجاملات الدبلوماسية، بالإضافة الى انه يكشف الهوة الشاسعة بين المرجعية الوطنية الحقيقية وبين مرجعية نظام مبارك التى تربى وترعرع فيه عبد الفتاح السيسى، كما أنه لا يمت بالكرامة بصلة فى بلد قامت فيها ثورة من أجل الكرامة:
1)   ففى الوعى الوطنى أن أمريكا ارتكبت سلسلة من الجرائم فى حقنا فى ذات الفترة التى ذكرها السيسى 1948ـ 2012؛ بدءا بتقسيم فلسطين 1947 والاعتراف بإسرائيل 1948 وحمايتها ودعمها على امتداد أكثر من 60 عاما، ومساندتها ضدنا فى حربى 1967 و 1973، هذا بالإضافة الى  إكراهنا على توقيع معاهدة ظالمة لمصر بعد أن رفضت إصدار قرار من مجلس الأمن يقضى بانسحاب القوات المحتلة، ولحرصها الدائم على الحفاظ على التفوق العسكرى لاسرائيل، ولإغراق مصر فى التبعية، ولحمايتها لمبارك ونظامه، ولاحتلالها العراق وافغانستان، ولعملها الدؤوب على مزيد من التفتيت والتقسيم لعالمنا العربى، والقائمة تطــــــــــــــــول.
2)   كما أن الشعب المصرى سيبذل كل ما وسعه باذن الله، من أجل  التحرر منهم والانقلاب عليهم، بالمخالفة التامة لوعد السيسى لهم.
3)   كما أن معوناتهم العسكرية والاقتصادية، خرَبت مصر وأضعفتها وإخترقتها، ونحلم باليوم الذى نتحرر منها.
4)   ناهيك على أن أسوأ ما حدث فى الثورة الليبية هو تدخل الناتو، وكل من يستدعى أو يستقوى بالقوات الأجنبية فى ليبيا أو أى بلد عربى، هو خارج عن الصف الوطنى.
***
·       بتحصين عدلى منصور لتعاقدات الدولة السابقة واللاحقة ضد الطعن، نكون بصدد بداية سداد الفواتير لشبكة مصالح الثورة المضادة، وإعادة إنتاج لأسوأ ما فى نظام مبارك، وبداية عصر جديد للامتيازات الغربية والخليجية، وتجريد المصريين من الحق فى الدفاع عن ثرواتهم، وتقليص دور مجلس الدولة وانتزاع صلاحياته فى الدفاع عن المال العام، وفتح الأبواب لنهب مصر بالقانون، وكشف حقيقة  الانحيازات الاقتصادية و الاجتماعية والطبقية لخريطة الطريق.
***
·       أخيرا بعد ثلاث سنوات من الثورة، وجد صندوق النقد الدولى ونادى باريس، من ينفذ تعليماته برفع الدعم، بعد أن أصدرت حكومة محلب قرارا برفع أسعار الغاز والبنزين فى الطريق، وهى أيضا من فواتير خريطة الطريق "المجيدة".
***
·       كلما أتذكر تحرير سيناء، أجد سعاداتى مجروحة، ليس فقط بسبب القيود المفروضة على السيادة المصرية هناك بموجب اتفاقيات كامب ديفيد،
ولكن أيضا بسبب انحيازنا لاسرائيل ضد فلسطين؛ فبينما نحتفل ونفخر برفضنا التفريط فى طابا التى لا تتعدى مساحتها كيلومتر مربع واحد، فاننا قمنا بالاعتراف باسرائيل وبحقها فى ارض فلسطين التاريخية، بل وشاركنا فى الضغوط على الفلسطينيين للتخلى عن 78% من وطنهم للصهاينة بموجب اتفاقيات السلام الفلسطينية الاسرائيلية، التى تتبناها وتروج لها مصر الرسمية، وتدعم الملتزمين بها، وتحاصر وتشيطن من يرفضها.
ناهيك عن السماح للإسرائيليين بدخول سيناء من معبر طابا والمكوث على شواطئها لمدة 15 يوم بدون تأشيرة، بينما يعانى الفلسطينيون على معبر رفح من كل أنواع القيود .
***
·       كفى حديثا عن العدالة الانتقالية، فبعد أحكام الإعدام بالجملة والسجن بعشرات السنين، فإننا نعيش أزهى عصور #الظلم_الانتقالى.
***
·       أرسل الدكتور صلاح سلطان من محبسه، رسالة استغاثة لإنقاذ ابنه محمد من الموت فى السجن، الذى تم القبض عليه من سرير المرض بعد عملية جراحية لذراعه الذى تهشمت عظامه بالرصاص فى 14 اغسطس فى رابعة. و قام بالاضراب عن الطعام منذ 26 يناير 2014 وفقد 45 كيلو من وزنه، اعتراضا على تجديد حبسه المستمر منذ 7 أشهر بدون أى أدلة أو احراز، ناهيك عما تعرض له من الضرب والاهانة والتعذيب.
فهل من مغيث ؟
***
·       تم تجميد برنامج باسم يوسف حتى 30 مايو، حتى لا يؤثر على الرأى العام قبل الانتخابات الرئاسية !
أما الانحياز الفج والمبتذل ليل نهار للسيسى من كافة القنوات و البرامج الرسمية والخاصة، فانه لا يؤثر على الرأى العام ! (كفى استخفافا بالعقول)
*****
                                                                القاهرة فى 28 ابريل 2014


الأحد، 27 أبريل 2014

من يجرؤ على الاختصاص ؟

من يجرؤ على الاختصاص ؟
                                                                    محمد سيف الدولة
مشاهد متنوعة من دفتر الأحوال :
·       مارس 2014 الأمور المستعجلة تقضى بحظر أنشطة حماس فى مصر،
ابريل 2014 الأمور المستعجلة تقضي بعدم اختصاصها في نظر دعوى حظر أنشطة إسرائيل،
 من يجرؤ على الاختصاص ؟
***
·       الثلاثاء 15 ابريل، قضت محكمة الجنايات بإخلاء سبيل ابو العلا ماضى بكفالة 10 آلاف جنيهات، وهو لم يكن محبوسا على ذمة قضايا أخرى، فاستبشر البعض خيرا فى قدر ولو ضئيل من عدالة القضاء،
الاربعاء 16 ابريل، قضت المحكمة بقبول استئناف النيابة وإلغاء قرار اخلاء سبيله.
و كأن الرسالة هى : لا تحلموا بالعدالة أو توهموا انفسكم بها.
***
·       صورة بوتفليقة التى يدلى فيها بصوته فى الانتخابات الرئاسية على كرسى متحرك، هى فى حقيقتها صورة لكل الأنظمة العربية العميقة القديمة منتهية الصلاحية، التى تصر على حكمنا الى الأبد، ولو بالحديد والنار.
***
·       الاربعاء 16 ابريل  2014 : خبر صحيح وخبران مستحيلان
الصحيح ((طائرات أردنية تدمر مدرعات سورية حاولت اجتياز الحدود))
المستحيل ((طائرات اسرائيلية تدمر مدرعات سورية حاولت اجتياز الحدود))
أو ((طائرات عربية تدمر مدرعات اسرائيلية حاولت اجتياز الحدود))
هزلت.
***
·       فى أول اتفاق بينهما منذ عقود طويلة، عائلتى السادات وعبد الناصر تؤيدان السيسى وتراهنان عليه، والسؤال هو من سيربح الرهان ؟
وهل سيكون ناصريا أم ساداتيا ؟
أم سيؤسس نظرية جديدة اسمها ((الناصرية ـ الساداتية)) على وزن (( الماركسية ـ اللينينية)) .
عجايب.
***
·       الذين فبركوا 99% من أصوات المصريين للسادات ولمبارك ولكامب ديفيد على مر العصور، يعملون الآن على قدم وساق،
كفى ابتذالا.
***
·       ((سترات واقية من الرصاص للصحفيين بـ 10000 جنيه للسترة الواحدة))
فكرونا بأيام الحرب.
 لم يتبقى الا اطفاء النور، و دهان الشبابيك ازرق، وبناء سواتر أمام المنازل.
أليس من الأسهل والأرخص الامتناع عن اطلاق الرصاص والخرطوش ؟
***
·       ((القانون المقترح الذي يزعم مكافحة الإرهاب، ينظر بنفس درجة الخطورة إلى زعيم تنظيم القاعدة، وإلى مدير منظمة حقوقية أو رئيس حزب أو جماعة سياسية تطالب بوسائل سلمية.. بتعديل الدستور أو أي قانون، وتعاقبهم جميعا بنفس العقوبة، وهى الإعدام، إذ يعتبر .. إن سلاح الكلمة لا يقل خطورة عن الأحزمة الناسفة والقنابل الموقوتة..... انه أخطر هجوم تشريعي أمنى على الحريات العامة وحقوق الإنسان منذ 37 عاما ً))
من مذكرة بهى الدين حسن الى عدلى منصور
*** 
·       كل عام والأخوة الأقباط بخير. 
مئات من المسيحيين يزورون القدس للاحتفال بالأعياد، والكنيسة ترفض وتهدد بالعقاب.
وهو ما يطرح تساؤلا حول سر هذه الزيارات المريبة ومن هي الجهات المنظمة ؟ وبإذن ومباركة من ؟
وألف رحمة للبابا شنودة الذى رفض زيارة المسيحيين للقدس تحت الاحتلال أو دخولها بتأشيرة اسرائيلية، ونجح فى الزام كل المسيحيين بهذه القرارات.
يسقط كل المطبعين، مسلمين كانوا أو مسيحيين.
***
·       الخميس  17 ابريل : يوم الأسير:
منذ 1967 اعتقل الصهاينة 800 ألف فلسطينى.
 ورغم ذلك المقاومة مستمرة،
 فعمرى أطول من عمر جلادى.
***
·       أصبح اقتحام الصهاينة للمسجد الأقصى مشهدا يوميا، وحتى الآن نجح المرابطون من أهالينا المقدسيين فى صدهم، ولكن الى متى ؟
***
·       16 ابريل : الذكرى 26 لاستشهاد أبو جهاد (خليل الوزير) بعد أن اغتاله الصهاينة فى تونس عام 1988،  لقد كان أحد اهم قادة جيل المناضلين الأوائل فى منظمة التحرير الفلسطينية قبل اتفاقيات أوسلو 1993 وعصر التنازلات.
***
·       17 ابريل الذكرى العاشرة لاستشهاد عبد العزيز الرنتيسى بعد ان قامت طائرة اسرائيلية بإطلاق صاروخ على سيارته، انتقاما من العملية الاستشهادية التى أمر بتنفيذها فى  ميناء أشدود والتى اسقطت 11 قتيلا صهيونيا فى 14 مارس 2004 .
*****
القاهرة فى 20 ابريل 2014



الثلاثاء، 15 أبريل 2014

حكايتنا مع الأنظمة العسكرية

حتى لا ننسى حكايتنا مع الأنظمة العسكرية
                                                                                محمد سيف الدولة
                                                                                                                          Seif_eldawla@hotmail.com

هى حكاية حزينة وقديمة و معلومة للجميع، ولكن قد تستدعى الظروف أحيانا قليلا من التذكرة :
حين حصلت مصر والأقطار العربية على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية، قامت الشعوب العربية بكل براءة وحسن نية، بتفويض قادتها العسكريين للحكم . وتنازلت لهم عن العديد من حقوقها السياسية، مقابل تكليفهم بالقضاء على الفقر والظلم والاستعباد والاستعمار، واستكمال معارك الاستقلال، و تحرير فلسطين، وتحقيق حلم الوحدة العربية، وسارت الأمور فى البداية على ما يرام رغم بعض التجاوزات : فاستقلت عدة أقطار عربية وكادت الوحدة ان تتحقق بين مصر وسوريا وأُممت قناة السويس وتفجرت الثورة الجزائرية والفلسطينية ...الخ ، إلى أن انقلبت الأمور بعد سنوات قليلة رأسا على عقب وآلت الى ما آلت اليه من بيع فلسطين والصلح مع إسرائيل واحتلال العراق والاقتتال العربي العربى والارتماء فى أحضان الأمريكان مع الاستئثار بالحكم والسلطة والثروة .
***
فلما حاولت الشعوب أن تسحب تفويضها وأن تغير أنظمتها وان تسترد زمام أمورها، ما كان من هذه الأنظمة العسكرية الا انها تمسكت بالسلطة الى آخر نفس وقاومت بشراسة كل محاولات التغيير وقامت بمطاردة واضطهاد كل معارضيها وعصفت بالحياة السياسية واستبدلتها بقبضة أمنية وبوليسية حديدية وزجت بالناس فى السجون والمعتقلات وأعادت نظام التوريث الى الحكم، وزورت الانتخابات والاستفتاءات وزورت الوعي والثقافة والتعليم والإعلام، وصنعت جيوشا من الانتهازيين والمنافقين والمخبرين والمرتزقة لتواجه بهم شعوبها، وأضفت على نفسها ستارا حديديا وقدسية زائفة بذريعة انها أنظمة عسكرية تحمى الأوطان من الأخطار الخارجية، وان فى إسقاطها او رحيلها تهديدا للأمن القومى، وأن البديل عنها هو الفوضى كما قال مبارك فى آخر أيامه.
حينها فقط أدركت الشعوب خطأها التاريخي و تعلمت درس عمرها، بانه لا تفويض لأحد بعد اليوم كائنا من كان، وان الشعوب وحدها هى القادرة على تحقيق أحلامها فى الحرية والاستقلال والعدالة والوحدة، وتفجرت ثورات الغضب العربى .
***
ولو كانت استمرت، لتمكنت من تحقيق أحلام الشعوب، ولاستطاعت، ان عاجلا أم آجلا، أن تنتصر وتنجح. ولكن ما حدث هو أن الأنظمة القديمة العميقة، وظفت كل امكانياتها و بذلت كل جهودها للارتداد على الثورات وإفشالها وتعويق مسارها، والانقضاض على الثوار، وبث الفرقة بين تياراتها، مستفيدة من الأخطاء الجسيمة التى ارتكبها الجميع. ثم شرعت فى إعادة الأمور الى ما كانت عليه، وكان لابد لها من رواية تروج بها لعودتها الى صدارة المشهد مرة أخرى.
وكانت الرواية هى أن الثلاث سنوات الماضيات أثبتت أن الثورات و الحريات، فوضى و شر مبين، وأنه لو تركت البلاد للتيارات السياسية لخربتها، اسلامية كانت أم مدنية، فهم قوم لا يعتمد عليهم، معدومو الخبرة بشئون الدولة وإدارتها، وغالبية قادتهم ارهابيون أو خونة وعملاء أو مرتزقة، وأن الأمل الوحيد هو تنصيب وزير الدفاع رئيسا للجمهورية، وتسليم البلد للقوات المسلحة، لتضبط ايقاعها و تعيد الأمور الى نصابها، وتنقذ ما يمكن إنقاذه وان تطبق قبضتها الحديدة من جديد على الجميع،  وتعيد الاستقرار المفقود منذ الثورة، تعيدنا الى ما كان قائما قبل 25 يناير 2011 .
فى مواجهة هذه الرواية التى تأثر بها قطاع عريض من الرأى العام بسبب ماكينات الاعلام الجهنمية الموحدة، كان لابد من التذكرة بحكايتنا معهم؛ مع الانظمة العسكرية.
******
القاهرة فى 14 ابريل 2014