بحث فى المدونة

الأحد، 11 نوفمبر 2012

لماذا ينجح الأشرار فى سيناء ؟


لماذا ينجح الأشرار فى سيناء ؟
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
لماذا ينجح الاشرار فى سيناء فقط دون غيرها ؟ فرغم ان حالة الانفلات الامنى شملت مصر كلها بعد الثورة ، الا ان سيناء هى المحافظة الوحيدة التى سقط فيها كل هذا العدد من شهداء الشرطة والجيش.
***
ان ما حدث فى سيناء في الأيام الماضية هو تكرار لكل ما كان يحدث فيها ولها على امتداد سنوات طويلة ، وبالأخص بعد الثورة : بدءا باستشهاد للجنود المصريين فى أغسطس 2011 ثم فى أغسطس 2012 بالإضافة إلى قتل مواطنين عزل و رجال شرطة ، وخطف وقطع طرق ، وتجارة مخدرات وأعضاء بشرية وتهريب سلاح ، واستشهاد جنود الأمن المركزي في حادث السيارة الشهير ، والاعتداءات على مديرية امن العريش ...الخ
كلها أعراض جانبية لمرض واحد مزمن وقديم الجميع يعلمونه ويتحاشون ذكره ، هو القيود العسكرية والأمنية المفروضة علينا فى معاهدة السلام والتي تحول دون انتشار قواتنا المسلحة على كامل التراب الوطني فى سيناء .
فهذه الأحداث لا يمكن ان تحدث مجتمعة وبهذا الكثافة فى اى بقعة من مصر الا فى سيناء ، لأنها الجزء الوحيد من وطننا المكبل بهذه القيود والمجروحة سيادته .
فلدينا محافظات حدودية كبيرة اخرى تتشابه فى بيئتها مع سيناء مثل محافظة البحر الأحمر والوادى الجديد ومرسى مطروح وكلها ذات طبيعة جبلية وصحراوية وذات تركيبة قبلية هى الأخرى ، وسكانها يعانون مثل اهل سيناء من مشاكل التهميش وقلة الخدمات واهمال الدولة
ولكن رغم هذا التشابه فان اى منها لم يشهد مثل هذه الجرائم والحوادث والاعتداءات المستمرة ، وان حدث مثلها فسرعان ما يتم التصدى لها والتعامل معها والقضاء عليها .
وكلنا يتذكر حادث خطف 19 من السياح الأجانب والمصريين فى المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا فى منطقة وادى الجلف الكبير بالصحراء الغربية عام 2008 اثناء قيامهم برحلة سفارى نظمتها احد شركات السياحة المصرية ، وكيف نجحت الدولة فى تحريرهم بدون دفع اى فدية ، بعد ان هددت كما تسرب وقتها بشن حملة ابادة جوية لجماعات الخاطفين .
اذا السؤال هو لماذا ننجح هناك ونفشل فى سيناء ؟
 والاجابة واضحة وبسيطة ومعروفة و هى ان سيناء منقوصة السيادة عسكريا وأمنيا
وما لم نعترف ان هذا هو السبب الحقيقى وما عداه مجرد أعراض وآثار ، فإننا لن ننجح ابدا فى فرض الاستقرار هناك .
ان كل ما يحدث هناك هو نتاج المعاهدة الظالمة ، حتى حادث سيارة الأمن المركزي الذى سقطت من ارتفاع كبير من على احد المنحنيات الصعبة فى سيناء وراح ضحيتها 22 جندى مصري ، نقول ان  هذا الحادث هو الآخر من آثار كامب ديفيد التى حرمت قواتنا من التواجد فى سيناء  والتدريب على أرضها والتعرف والالمام بتضاريسها ودروبها ومسالكها ومواطن الخطر والأمان فيها .
كثيرون تكلموا فى الايام الماضية عن التجاوزات الامنية وعن تهميش سيناء واهمالها وعن انعدام خطط التنمية ، وكلها حقائق ثابتة، ولكن السؤال ما الذى يقف وراء ذلك ؟
والإجابة معلومة : يقف وراءها  خوف رسمي وشعبي من التنمية بدون حماية مسلحة .
ويقف وراءها انتهاكات و تجاوزات امنية مصدرها الخوف وعجز الإمكانيات والتسليح التى يتم تعويضهما باستخدام العنف المفرط مع الاهالى من بعض العناصر الأمنية .
ويقف وراءها شكوك دائمة من أعمال الاختراق والتجسس الإسرائيلية .
ويقف وراءها شعور بضعف هيبة الدولة هناك مما يشجع البعض على تحديها وفرض هيبات و شرعيات أخرى قبلية او دينية او إجرامية او خارجية  .
***
وأخيرا فانه لا أمل فى إيقاف نزيف القتلى والشهداء والإجرام والإرهاب والتجسس والتهديد ، مرة واحدة والى الأبد ، الا باسترداد كامل السيادة المصرية على سيناء من خلال التحرر من كافة القيود العسكرية والامنية المفروضة علينا بموجب المعاهدة .
*****

السبت، 3 نوفمبر 2012

كامب ديفيد ليست المصدر الرئيسى للتشريع


كامب ديفيد ليست المصدر الرئيسى للتشريع
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@hotmail.com
نقلت لنا وكالات الانباء ما دار فى زيارة الرئيس الامريكى الاسبق كارتر الى المستشار الغريانى فى مجلس الشورى ، وسؤاله له عن وضع معاهدة السلام مع (اسرائيل) فى الدستور الجديد ، ورد الغريانى بان هذا ليس محله الدستور ولكنه استطرد مطمئنا كارتر انه ((لن تجرؤ اى حكومة قادمة على مخالفة الالتزام بالمعاهدة))
***
ان كارتر حين يسأل مثل هذا السؤال الغريب حول موقع معاهدة السلام من الدستور ، فانه يؤكد ما ذهبنا اليه من قبل من انهم يريدون ان تكون كامب ديفيد هى المصدر الرئيسى للتشريع . وهى لن تكون كذلك ابدا فهى ليست قرآنا ولا انجيلا
كما ان الدول المحترمة والشعوب الحرة لا يجب ان تعامل هكذا .
كما اننى لم ارتح ابدا الى الرد الذي نسبته وكالات الأنباء الى المستشار الجليل حسام الغريانى ، الذى ورد فيه انه (لن تجرؤ اى حكومة على مخالفة الالتزام بالمعاهدة) ، لانه ان صح ،  فان فيه مصادرة على حق أصيل للشعب المصرى فى ان يصنع مستقبله وفقا  لمصلحته وامنه القومى وسيادته الوطنية الكاملة ، كما ان وصف الحكومات المصرية "بعدم الجرأة" ، فيه جرح للكرامة الوطنية ، خاصة ان صدر امام شخصيات او جهات اجنبية .
***
وكنت اتمنى ان يكون رد المستشار الغريانى على سؤال كارتر بسؤال آخر هو:  متى ستكفون (سيادة الرئيس) عن التدخل فى شئوننا والتفتيش فى نوايانا ؟ وهل تسمحون فى الولايات المتحدة بان تملى عليكم الشعوب الاخرى سياساتكم ومواقفكم ؟
كما اننى كنت اتوقع ان يتحرج السيد كارتر من طرح مثل هذا السؤال بصفته اعلم الناس بحجم الظلم والاجحاف الذى وقع على مصر فى هذه المعاهدة التى تمت تحت رعايته وضغوطه ، الى الدرجة التى صرح بها لحديثه مع جريدة الأهرام منذ بضعة ايام بأن الرئيس السادات فى هذه المعاهدة كان كريما جدا بقبوله بقاء المعدات الثقيلة المصرية خارج سيناء . والرئيس كارتر يعلم جيدا ان مسائل الامن والسيادة القومية ليست محلا للكرم والتنازل .
***
كما انه قد آن الأوان أن يعلم الجميع أن لدى الشعب المصري حساسية كبيرة من كل محاولات التدخل الخارجي فى شئونهم الوطنية ومحاولة التأثير فيها والضغط عليها
وان يدركوا ان احد الأسباب الرئيسية التي أدت الى إسقاط مبارك كان تهاونه الشديد أمام النفوذ الاجنبى فى مصر الذي وصل إلى حد التبعية
وان المصريين أصبحوا ينزعجون بشدة من تكرار هذا الاستجواب المهين حول كامب ديفيد  من كل الوفود الأمريكية والأوروبية  ، والذي يوجهونه الى الجميع وفى كل المؤسسات التنفيذية والتشريعية ولكل الاحزاب السياسية وكأن ليس لهم موضوع غيره . وكانهم يجرون لنا كشف هيئة لإعطائنا البركة او حجبها عنا
وان كان السيد كارتر وأصدقائه يريدون اجابة حقيقية فلا يجب ان يتوجهوا بها الى اى مسئول فى مصر ، بل فقط عليهم ان يتابعوا الراى العام الشعبى والسياسى فى مصر ، فعندئذ سيكتشفون ان هناك اجماع وطنى فى مصر على ضرورة التحرر من القيود المفروضة على السيادة المصرية فى المعاهدة وبالتحديد فى المادة الرابعة منها وملحقها الامنى .
*****
القاهرة فى 3 نوفمبر 2012